الاحتراق الوظيفي أو الإنهاك الوظيفي وهي مرحلة من التدهور النفسي يصل إليها الكثير من الموظفين نتيجة للضغط المهني والمسؤوليات، وتتمثل تلك المرحلة في فقدان تام بالشغف وعادة ما يمر الفرد بالكثير من المراحل الصعبة ذات الأعراض البالغة حتى يصل إليها، ولكنه عادة لا يبالي للتنبؤات التي تعد مؤشر للتأثيرات السلبي على الصحة العقلية والنفسية، لذلك سنتناقش معكم في السطور التالية بشكل دقيق حول تلك الحالة وكيفية الوقاية والعلاج.
ما هو الاحتراق الوظيفي
الإنهاك الوظيفي حالة يمر بها فئة الموظفين الأعلى إنتاجية في العمل؛ حيث يصابون بالتوتر الشديد المرتبط بمقر عملهم يصاحب ذلك فقدان الشغف وعدم الرغبة في إنجاز المهام، ينتج عن ذلك تراجع ملحوظ في الإنتاجية ويعرف الإنهاك على أنه حالة نفسية تتشابه مع الإكتئاب إلى حد ما والبعض يرجع أنهم مرتبطان معاً، ولكن أثبتت الدراسات أن الإنهاك الوظيفي يتأثر بعدة عوامل منها السمات الشخصية فأحدهم يمكن أن يكون مؤهل للإصابة عن غيره، بالإضافة إلى الجو الأسري إما يؤهل للإصابة أو يكون درع واقي ضد الاحتراق المهني.
أعراض الاحتراق الوظيفي
يمكنك اكتشاف الإصابة بالإنهاك الوظيفي في المراحل الأولى وحماية نفسك من التأثيرات السلبية، ذلك بالتعرف على أهم الأعراض والظواهر التي سنتناولها معاً في النقاط التالية على هيئة أسئلة انت وحدك تجيب عليها:
- هل تشعر بالثقل عند الاستيقاظ للذهاب إلى العمل؟
- هل تجد نفسك تنتقد كلاً من حولك دون سبب؟
- الانفعال أصبح أول رد فعل منك على مختلف المواقف؟
- تشعر انك مستنفذ الطاقة ولا رغبة لك في شئ؟
- أصبحت فاقد للتركيز ولا تتذكر الكثير من المهام التي تُطلب منك؟ فهل تعتقد أن ذلك من مؤشرات الاحتراق الوظيفي؟!
- ما اخبار النوم لديك؟ هل تغيرت ساعات نومك المعتاد عليها؟
- ما أخبار الصحة لديك؟ هل تشعر بأي من الأعراض التالية " صداع مستمر، آلام بالقولون أو المعدة، آلام متفرقة بالجسد دون سبب"
- أصبحت غير راضي على انجازك المهني وعادة ما تشعر أن شيئاً ما ينقصه؟
- ما اخبار شهيتك؟ هل تتناول الطعام بنهم أم أصبحت فاقداً للشهية؟
- يراودك شعور يومياً أن تلك الوظيفة ليست مناسبة لك وأنها تخيب آمالك؟
إذا كانت معظم الإجابات بنعم فأنت تمتلك علامات الاحتراق الوظيفي والتي تشير إلى تأثُرك النفسي بشكل بالغ، ولابد من اللجوء إلى متخصص نفسي للحصول على العلاج المناسب ومعاودة الشغف مرة أخرى لعملك.
أسباب الإنهاك الوظيفي
عُرف الإحتراق الوظيفي على أنه حالة من الإحباط وفقدان الشغف في بيئة العمل وقد تعرفنا على اعراض الاحتراق الوظيفي من قبل، والآن نتعرف على الأسباب لتلك الحالة:
- انعدام السيطرة على مجريات الأمور بشأن العمل، حيث يجد البعض صعوبة في تنسيق المواعيد أو تنظيم المهام نسبة لتكدسها أو نقص الموارد التي تحتاجها لسير عجلة العمل مما يشعرك بالإحباط.
- المهام الغير محددة؛ يقع بعض الموظفين في مأزق عدم معرفة دورهم الوظيفي بالضبط وحجم الصلاحيات الموكلة لهم، بالتالي لا يعرفون ما يمكنهم القيام به ليكونوا مؤدين دورهم بشكل جيد.
- الافتقار للنظام؛ عادة ما يشعر الأشخاص بالتوتر نتيجة للإحاطة بالفوضى وعدم النظام، فإذا كنت مضطر للعمل في تلك الفوضى عليك بذل جهد مضاعف مما يصل بك إلى الاحتراق الوظيفي.
- اضطراب بيئة العمل؛ تصبح بيئة العمل غير صحية عندما يتواجد بها بعض السلوكيات الغير اخلاقية مثل التنمر وعدم الأحترام، بالإضافة إلى انعدام شعور الموظف بدوره نتيجة لتدخل الجميع بقراراته الوظيفية المسؤول عنها أو سيطرة المدير بشكل مبالغ فيه، مما ينتج عنه التوتر النفسي والشعور بالضيق.
- افتقاد الدعم النفسي؛ يحتاج الإنسان إلى الدعم والتشجيع من مَن حوله دوما، ولكن بعض بيئات العمل يشعر بها الموظفين بالعزلة وعدم الترابط النفسي وافتقار لروح الفريق مما يصيب الموظفين بالإنهاك الوظيفي.
- عدم القدرة على التوازن؛ يصاب الموظف بالاحتراق الوظيفي إذا كان لا يجيد صنع توازن بين حياته الشخصية والحياة المهنية ولا يستطيع أخذ قسط من الراحة، ينتج عن ذلك الشعور بالإنهاك من أقل مجهود.
عوامل مؤثرة للإصابة بالإنهاك الوظيفي:
- العمل لساعات طويلة.
- العمل في الوظائف الخدمية مثل التمريض.
- عدم التملك من مقاليد الوظيفة والتحكم في سير العمل.
مراحل الاحتراق الوظيفي
يمر الموظف ب5 مراحل للإنهاك الوظيفي لكل مرحلة مواصفات وأعراض مختلفة، تعرف معنا على كل أسباب كل مرحلة في إيجاز:
المرحلة الأولى " شهر العسل:
يمر جميع الموظفين بتلك المرحلة على الأغلب فهي تنتاب الجميع عند التعيين، وهي مرحلة السعادة والإشراق بتولي مهمة جديدة في الحياة وسرعان ما تبدأ نكهة تلك المرحلة تتلاشى ليصاب الفرد بالتوتر نتيجة المسؤوليات المتزايدة، أهم علامات تلك المرحلة:
- الرضا عن الوظيفة.
- الاستعداد النفسي لتأدية المهام.
- ارتفاع مستويات الطاقة.
- الأمل والتفاؤل.
- تقدير المهام والالتزام.
- الابتكار وتسليم نتائج عالية الجودة.
المرحلة الثانية " بداية التوتر":
تبدأ تلك المرحلة من الاحتراق الوظيفي مع بداية ظهور بعض الضغوطات عندما يمر الموظف بأيام عمل ثقيلة تجعله منهك وفاقد الشغف نتيجة الثقل الجسدي والروحي والإنهاك الذهني، أهم أعراض تلك المرحلة:
- يبدأ الفرد بالشعور بالتوتر نتيجة للضغط النفسي مع ارتفاع في ضغط الدم وسرعة ضربات القلب.
- فقدان التركيز.
- عدم الرغبة في الاندماج والشعور بالانزعاج والغضب من أبسط الأشياء.
- عدم الشعور بالرضا المهني.
- استهلاك وقت من أجل القدرة على النوم.
- انخفاض مستوى الإنتاج.
- الشعور بالقلق.
- تضارب في الشهية.
- الجز على الأسنان بشكل غير إرادي أثناء النوم.
- الصداع والنسيان.
- عدم الرغبة في اتخاذ القرارات المهنية.
مرحلة ثالثة " الإجهاد المستمر":
تسمي تلك المرحلة من الاحتراق الوظيفي بالاجهاد المستمر وهي المرحلة التي يعلو بها مستوى التوتر المهني عن المرحلة السابقة، حيث يتحول التحفيز من أجل الاجتهاد إلى إلحاح ويصبح الاجتهاد ليس امتياز بل هو العمل نفسه، إليك أعراض تلك المرحلة:
- التخلي عن الهوايات.
- فقدان السيطرة على توقيت إنجاز المهام.
- الإنهاك الدائم صباحاً.
- اللجوء إلى استخدام عنصر التأجيل في الحياة المهنية بل والشخصية ايضاً.
- الوصول إلى العمل متأخراُ.
- الرغبة في العزلة.
- انعدام الأمل والتشاؤم.
- انخفاض الرغبة الجنسية.
- إنكار المشكلات الموجودة بالفعل وإقناع الذات أن كل شئ على ما يرام.
- استهلاك معدلات أعلى من الكافيين.
المرحلة الرابعة "الإحتراق الوظيفي":
سميت تلك المرحلة بالاسم الأصلي للحالة ولأنها حالة الذوى؛ حيث يصبح الموظف في وضع حرج تظهر عليه أعراض الإنهاك الوظيفي بشكل مبالغ به، حيث يحتاج هنا إلى تدخل مختص نفسي فأصبحت بيئة العمل غير صالحة له أو على الأقل هناك بعض العادات الوظيفة التي يجب القضاء عليها، أهم أعراض تلك المرحلة:
- الرغبة في الهروب من محيط العمل.
- الانشغال بالتفكير في المشاكل فقط.
- ملاحظة تغيير شامل في السلوك بشكل سلبي.
- الرغبة في الانعزال وممارسة الحياة منفرداً.
- مشاكل صحية متكررة.
المرحلة الخامسة "احتراق وظيفي ثابت"
المرحلة الأخيرة والمتأخرة من الاحتراق الوظيفي وهنا يكون الاحتراق المهني قد توغل داخل نفس الموظف وأثر بشكل سلبي على جميع جوانب حياته، مما يمكنك أن ترى الأعراض وتأثيرها على الصحة والنفسية والعقل بشكل مستمر، إليك أهم الأعراض النفسية:
- الحزن الدائم.
- ظهور أعراض الاكتئاب.
- يصبح الإنهاك الوظيفي متلازمة الاحتراق الوظيفي وليست حالة عابرة.
- الشعور بالارهاق والثقل الجسدي والنفسي بشكل دائم.
مضاعفات الإنهاك الوظيفي
ذكرنا على مدار السطور السابقة جميع التأثيرات السلبية التي يمكن أن يجنيها الموظف الذي يتعرض للإنهاك الوظيفي، ولكننا لم نعرض لكم نتائج الإنهاك الوظيفي بالتفصيل:
- الإصابة بأمراض القلب .
- انخفاض المناعة و عرضة للإصابة بالأمراض
- الإصابة بالسكري النوع 2.
- ارتفاع ضغط الدم
- التوتر الدائم
- الأرق.
- الإدمان.
خطوات العلاج
إذا كنت مصاب بالإنهاك الوظيفي يمكنك التعرف على كيفية التخلص من الاحتراق الوظيفي بخطوات سريعة وفعالة، فقط تحتاج منك إلى الالتزام واتباع التعليمات التالية وتسترد شغفك وتستعيد نشاطك المهني:
- اطلب تحديد الأهداف و المهام التي يجب عليك فعلها مع مديرك أو مشرفك، ولا تترك بداخلك مخاوف ناقش كل ما يدور في ذهنك من عقبات تعتقد أنها تحول بينك وبين تحقيق الأهداف.
- اطلب المساعدة من المحيطين بك فأحيانا يحتاج الموظف إلى الدعم من أجل استكمال الإنجازات، يمكنك طلب المساعدة والاستشارة من برامج دعم الموظفين المتاحة على الإنترنت.
- ساعد نفسك على الاسترخاء؛ يمكنك ممارسة تمارين اليوغا والميدتيشن، بالإضافة إلى التاي تشي فهي فعالة في علاج الاحتراق الوظيفي والحد من التوتر.
- ممارسة الرياضة، الحل الأمثل والفعال لتهدئة الجسم وتهيئة العقل من أجل التفكير بإيجابية لتقبل الضغوطات المهنية.
- النوم الكافي، النوم الهادئ لساعات متزنة تصل إلى 7 ساعات بشكل متواصل يجعل العقل يستعيد نشاطه ويحفز الجسم على التعافي من الآثار السلبية للإنهاك الوظيفي.
- التركيز الذهني؛ هو الشعور بالمشاعر الحالية بوعي تام دون إنكارها أو الحكم عليها، مع التركيز على اللحظة الراهنة دون الانجراف في الشعور بالتوتر والاذى النفسي على المدى الطويل، ذلك يجعلك قادراً على مواجهة الاحتراق الوظيفي في العمل وتقبل المشكلات المهنية بصبر، يمكنك فعل ذلك بمساعدة تمارين اليقظة الذهنية.
- أوجد دائماً أكثر من خيار لنفسك أو أكثر من تنبأ لتقبل جميع النتائج، حتى لا تنهك صحتك على أمر قد يحدث دون قدرة على التدخل والتغيير.
تحدثنا في السطور السابقة عن الإنهاك الوظيفي الأسباب والأعراض والمراحل التي يمر بها الفرد من أجل الوصول إلى الذروة، كما تحدثنا عن أهم الخطوات التي تجعلك قادراً على تفادي تأثير الاحتراق الوظيفي في العمل وأهم طرق العلاج.
الأسئلة الشائعة حول الموضوع
يمكنك التعرف على معلومات إضافية من خلال الإطلاع على الأسئلة المتداولة وأهم الإجابات:
ما هو الاحتراق النفسي في علم النفس؟
عرف في علم النفس ومن قبل منظمة الصحة العالمية على أنه اضطراب يصيب الفرد بفقدان الطاقة والشغف وانخفاض مستوى العاطفة نتيجة للعيش تحت توتر لفترة طويلة ينتج عنها الفتور الجسدي والذهني.
ما الفرق بين الاحتراق النفسي والاحتراق الوظيفي؟
يعد الاحتراق النفسي أعم شمولاً فهو ليس مرتبط بشأن عمل أو وظيفة محددة، ولكنه فتور عام في مختلف النواحي حيث يفقد الشخص الشغف تجاه الحياة بأكملها في الجوانب العاطفية والجسدية وهبوط في الحالة النفسية.
