
للتواصل معنا
رواية وقالت لي من تأليف الكاتبة دعاء عبد الرحمن، تمثل الرواية تجربة سردية فريدة تمزج بين الدراما الاجتماعية والتشويق النفسي والغموض الروحي، تتشابك أحداثها بين البيوت التي تخفي وراء جدرانها أسرارًا ثقيلة والعائلات التي تتقاطع مصائرها عبر القدر والحب والخذلان وحتى الأشباح.
تبدأ القصة عندما يتلقى الكاتب الصحفي عبد الخالق مروان مظروفًا غامضًا يحمل عنوانًا مثيرًا: "وقالت لي" بداخله يجد أوراقًا تحكي عن زيارات غامضة لروح امرأةٍ إلى شقة مهجورة، ورسائل تطلب منه نشر القصة حتى تهدأ روح صاحبتها، بين الشك والتصديق يجد نفسه أمام لغز يتطلب منه التأمل والبحث في تفاصيل الأحداث، بينما تأخذه الحكاية إلى عوالم أكثر تعقيدًا تتشابك فيها الأقدار والمخاوف والخطايا.
في قلب رواية وقالت لي وقالت لى نجد رؤى وهي إحدى الشخصيات المحورية التي تجمعها علاقة مع هالة، المرأة التي تعاني من إهمال زوجها هشام وتصارع مرضًا خطيرًا يجعلها في انتظار الموت بين لحظة وأخرى، وسط وحدتها وخوفها من المصير المجهول، تعقد هالة اتفاقًا غريبًا مع رؤى: إذا ماتت فإن على رؤى أن تتزوج هشام لتعتني بابنتيها اللتين تعلقت بها أثناء عملها في الحضانة.
لكن الأمور لا تسير كما خُطط لها، فبعد وفاة هالة يتنكر هشام للاتفاق ويقرر الزواج من جدايل بدلًا من رؤى، وهنا تبدأ الأحداث الغامضة والمخيفة، حيث يظهر شبح هالة ليطارد هشام وزوجته الجديدة في محاولة للانتقام وتحقيق العدل الذي لم تنله في حياتها.
الشخصيات الرئيسية في رواية وقالت لي
رؤى: الشخصية التي تحمل عبء الأحداث على عاتقها، فهي الصديقة الوفية والحبيبة المنسية والشاهدة على تعقيدات العلاقة بين هالة وهشام، كما إنها الطرف الأضعف في الاتفاق الذي لم يُنفذ.
هالة: المرأة المريضة والمُهملة من قِبل زوجها التي تعاني بصمت حتى مماتها، ثم تتحول إلى شبح يسعى للانتقام.
هشام: الزوج الذي يتنصل من وعوده ويتخلى عن التزاماته العاطفية والإنسانية بعد وفاة زوجته، فيسقط في دوامة من الأحداث الغامضة.
جدايل: الزوجة الجديدة التي تجد نفسها في مواجهة الأشباح واللعنات التي حلت على منزلها الجديد.
عبد الخالق مروان: الصحفي الذي يتلقى الرسائل الغامضة ويحاول فك ألغازها ليجد نفسه أمام قضية أكثر تعقيدًا مما تخيل.
تميزت رواية وقالت لي بأسلوبها السهل الممتنع، حيث مزجت الكاتبة بين السرد الأدبي الراقي والتشويق النفسي والتلميحات الفلسفية العميقة حول الحب والخذلان والظلم والانتقام، لم تكن الرواية مجرد حكاية عن شبح يطارد شخصًا ما، بل انعكاسٌ للذنوب التي لا تموت وللوعود التي تُنكث وللقلوب التي لا تهدأ حتى بعد الموت.
لعبت الكاتبة بمهارة على حافة التصديق والتشكيك، تاركة القارئ في حالة من التوتر والتساؤل:
هل هالة حقًا شبحٌ عاد لينتقم؟
أم أن الشعور بالذنب والخذلان قد صنع وهمًا يُطارد هشام وجدايل؟
هل يُمكن للوعود أن تُبعث من جديد بعد الموت؟
تُقدم رواية وقالت لي تجربة غنية تثير القارئ وتجعله يعيد التفكير في مفاهيم الحب والوفاء والخيانة والمصير، فهي ليست فقط حكاية رعب أو غموض، بل دراما اجتماعية محكمة تكشف عن أسرار النفوس البشرية وعن الظلم الذي قد يدفع الأرواح للبحث عن عدالة لا تمنحها الحياة وإنما يُحققها الموت.