ملخص رواية ظل الأفعى | صراع الأنثى بين التقديس والتدنيس

رواية ظل الأفعى من تأليف الكاتب يوسف زيدان، على عتبات الفكر العميق حيث تتلاقى الفلسفة بالسرد الأدبي يقف يوسف زيدان الروائي والمفكر المصري ليخطّ لنا واحدة من أكثر رواياته إثارة للجدل وهي روايه ظل الأفعى، فليست هذه مجرد حكاية عن رجل وامرأة يعيشان تحت سقف واحد بل هي رحلة مكثفة في تاريخ الأنثى منذ أن كانت معبودة تُنحَت لها التماثيل إلى أن أصبحت كائناً يُحاصَر بقيود العادات والهيمنة الذكورية.

ببراعة أسلوبية تتجاوز التقليد يقدم زيدان نصا يعج بالرموز، حيث تختلط الأسطورة بالواقع ويصبح السؤال محور الوجود الإنساني، وعبر رواية ظل الأفعى لا يسرد المؤلف الأحداث بقدر ما يعيد تفكيك المفاهيم ليكشف لنا عن التحولات التي طرأت على صورة المرأة عبر العصور، فما الذي يدور بين دفتي هذه الرواية الفريدة؟ وما الأسرار التي تحملها الرسائل الغامضة المرسلة عبر الزمن؟

يوسف زيدان عالم المخطوطات والباحث المتعمق في الفكر الصوفي والتاريخ هو أحد أكثر الكتاب تأثيراً في الساحة الأدبية العربية، إلى جانب كونه روائيًا له العديد من الدراسات الفلسفية والتاريخية التي تتناول قضايا فكرية معقدة ما يجعل أعماله مزيجاً من الأدب والبحث الأكاديمي، أما رواية ظل الافعى فليست استثناءً؛ فهي انعكاس لفكر زيدان العميق الذي تتداخل فيه الفلسفة مع التحليل النفسي والاجتماعي لتقديم رؤية غير مألوفة عن المرأة والتاريخ الإنساني.

تبدأ روايه ظل الأفعى بقصة عبده رجل يعيش حالة من التوتر والضياع بعد أن هجرته زوجته دون سبب واضح؛ وفي محاولة يائسة لاستعادتها يلجأ إلى جدها الباشا على أمل أن يعيدها إلى صوابها، لكن اللقاء بين الجدّ والحفيدة ينتهي بصدام حاد يعكس مدى تعقيد موقف الزوجة التي يبدو أنها تخوض صراعًا داخليًا يتجاوز علاقتها بزوجها.

مع تطور أحداث رواية ظل الأفعى يكتشف عبده سرًّا غامضًا: رسائل تصل إلى زوجته من أمها تلك المرأة التي اختفت من حياتها منذ طفولتها، هذه الرسائل ليست مجرد تواصل عاطفي بين أم وابنتها بل هي بمثابة وثائق فلسفية تحكي فيها الأم عن التاريخ العتيق للأنثى وعن دورها المقدّس الذي سُلب منها وعن الأساطير التي كانت تحيط بها عندما كانت رمزًا للخصب والقوة والقداسة، ومن خلال هذه الرسائل تبدأ الزوجة رحلة اكتشاف الذات فتدرك أنها تعيش في عالم فرض عليها صورة مشوهة عن نفسها.

عبده العاجز عن فهم ما يحدث يلجأ إلى صديقه نايل الذي يقترح عليه وسيلة غريبة لاستعادة زوجته: بخور له تأثير نفسي على الأعصاب. وفي لحظة يائسة ينفذ عبده الخطة لكنه يُفاجأ بأن زوجته لم تعد تلك المرأة المستسلمة التي كان يعرفها بل أصبحت شخصًا آخر يحمل وعيًا جديدًا يرفض العودة إلى القفص الذهبي، وفي مشهد درامي مؤثر تحزم الزوجة أمتعتها وتحمل معها رسائل أمها تاركة عبده غارقًا في دهشة لم يكن يتوقعها.

عند تلخيص رواية ظل الأفعى نجد أنها ليست مجرد قصة عن علاقة زوجية مضطربة؛ بل هي إعادة نظر جذرية في موقع المرأة في التاريخ ومقاربة فلسفية عميقة لقضية الذكورة والأنوثة، حيث يستخدم زيدان الرمزية بكثافة ليجعل من الأفعى استعارة متشابكة للأنثى التي تحولت من رمز للحكمة والقداسة إلى كائن محاصر بالخطيئة والخضوع.

في النهاية عند تحميل رواية ظل الأفعى يجد القارئ نفسه أمام تساؤلات وجودية تتجاوز حدود النص: هل يمكن للأنثى أن تستعيد مجدها المفقود؟ هل هي ضحية أم أنها تمتلك من القوة ما يجعلها تنهض رغم قرون من التهميش؟ في رواية ظل الافعى لا يمنح زيدان إجابات مباشرة بل يترك أبواب الأسئلة مشرعة أمام القارئ ليعيد التفكير في تاريخ لم يُكتب إلا بيد الرجال.