ملخص رواية أرني أنظر إليك | شكوكٌ في الانتماء

ملخص رواية أرني أنظر إليك للكاتبة خولة حمدي، هل سبق لك أن تهت في طريقك لا تدري إن كنت تسير نحو اليقين أم تغوص في هاوية الشك؟ هل شعرت يومًا أن إيمانك الذي ظننته راسخًا قد يكون مجرد بناء هش تهزه أول رياح الشك؟ هذا ما عاشه مالك بطل رواية أرني أنظر إليك للدكتورة خولة حمدي، حيث تأخذنا الكاتبة في رحلة عميقة بين الدين والسياسة وبين الإيمان والضياع وبين الشرق والغرب.. وبين الإنسان ونفسه.

رواية أرني أنظر إليك ليست مجرد سرد لأحداث متتابعة بل هي مرآة تعكس الصراع الإنساني الأبدي بين الروح والعقل وبين اليقين والريبة، تبدأ الحكاية في تونس حيث ينشأ مالك في بيئة دينية ملتزمة في كنف والدين من الدعاة، شبَّ مؤمنًا بأفكار معينة يعتقد أنه يسير على الدرب الصحيح، لكنه سرعان ما يواجه واقعًا مختلفًا حين تلاحقه السلطات بسبب نشاطاته السياسية فيُلقى في غياهب السجن، هناك يتذوق معنى القهر ويرى كيف يمكن أن تُشوَّه القيم حين تتحول إلى أدوات للقمع والسيطرة.       

يخرج مالك من السجن لكنه لا يعود كما كان؛ شيء ما في داخله قد انكسر وتبدأ رحلته الحقيقية لا رحلة الجسد بل رحلة الفكر والروح، ثم يقرر الهرب من وطنه فيتنقل بين البلدان؛ من لبنان إلى فرنسا ومن فلسطين إلى تركيا ومن الهند إلى الصين، رحلة تبدو للوهلة الأولى مجرد محاولات للهروب لكنها في الحقيقة بحثٌ عن الذات وعن الله في زحام الحياة وصراعاتها.

كل محطة يمر بها مالك في رواية أرني أنظر إليك تكشف له وجهًا آخر للحياة، في فرنسا حيث الحرية المطلقة يجد نفسه غارقًا في تساؤلات وجودية لم يجرؤ على طرحها من قبل، هل ما يؤمن به حقًا نابع من قناعة أم مجرد إرث ثقافي؟ لماذا يسمح الله بكل هذا الألم والظلم؟ هل الدين هو الحقيقة المطلقة أم مجرد وسيلة لتنظيم حياة البشر؟ هذه التساؤلات تدفعه إلى حافة الإلحاد لكنه لا يسقط تمامًا إذ يجد حوله أربعة أصدقاء أوفياء يقفون بجانبه حين يبتعد عن الله محاولين انتشاله من الضياع.

لكن رحلة البحث لا تنتهي عند فرنسا، يذهب مالك إلى الهند وإندونيسيا والصين وتركيا باحثًا عن أجوبة بين الفلاسفة ورجال الدين وأهل التصوف، يقترب من أديان أخرى ليسمع ويتفكر ويقارن، لكنه في النهاية يدرك أن الحقيقة لم تكن بعيدة عنه يومًا بل كانت بداخله في الفطرة النقية التي ضاعت وسط الضجيج.

رواية أرني أنظر إليك ليست قصة شخصية فقط بل هي إسقاط على صراعات فكرية عميقة يعيشها الشباب في العالم الإسلامي اليوم، حيث تتجاذبهم التيارات المختلفة بين التشدد والانفتاح بين الجمود والانحلال وبين التراث والحداثة، شخصية مالك لم تُكتب لتكون مثالية بل لتكون حقيقية بكل تناقضاتها وضعفها وسقطاتها.

في النهاية يصل مالك إلى لحظة الإدراك الكبرى لكنه لا يصل إليها بسهولة، بل بعد أن دفع ثمنًا باهظًا من روحه وقلبه وإيمانه، لكنه على عكس ريم التي غرقت في ظلمات الإلحاد حتى النهاية يُمنح فرصة أخرى، لأن الله كان معه رغم كل شيء.

رواية أرني أنظر إليك ليست مجرد رواية بل هي مرآة يواجه فيها القارئ نفسه يتساءل كما تساءل مالك ويتأمل كما تأمل وربما يجد بعض الأجوبة التي يبحث عنها، هي رواية ترسم رحلة البحث عن الله في عالم يزداد ضجيجًا رحلة الشك التي قد تكون في جوهرها أقرب الطرق إلى اليقين.