#حل_تدريبات_الأضواء_2024_الصف_الثالث_الإعدادي_فصل_دراسي_ثان
رابط شرح الفصل الثاني عشر ( المنقذة ) :
https://youtu.be/yvKkrI-88Go
رابط إعراب أصعب الكلمات بالفصل واستخراج المشتقات :
https://youtu.be/U250euGPcck
رابط قائمة دروس الصف الثالث الإعدادي2024 /الفصل الدراسي الثاني :
https://www.youtube.com/playlist?list=PLvsMJ1HHONsrq3ygDlZDQo98X0y6DHiAx
نص الفصل الثاني عشر - المنقذة
رق الحديث وطاب الكلام، وشعر لويس ومن معه بأن التوفيق حالفهم، وأنهم سيحققون ذلك الحلم الفرنجي الطامع في مصر وثروتها، وفى الشرق وخيراته، ذلك الحلم الذي تحطم مرات على أبواب مصر.
ثم جعلوا يتساءلون عن أحداث المعركة المرتقبة مع العرب وعن شدتها، بعضهم يؤكد أنهم سيلقونهم في موقعة رهيبة، والآخرون يؤكدون أنهم فروا مذعورين، ولن يقووا على اللقاء بعد، وسوف يسلمون البلاد كما طلب الملك لويس في كتابه للسلطان، وجعلوا يرقصون وهم يقولون: «دنا بيت المقدس! وسوف نحقق آمالنا».
أما نجم الدين فبلغ المنصورة ودخلها، ونزل بقصرها الكبير الذي شيده الملك الكامل على النيل، وأصدر أمره بإصلاح السور المطل على البحر، وستره بالأستار، ونصب المجانيق عليه.
وسرعان ما بدأ العمل، وشرعوا في تجديد الأبنية للسكنى، ونصبت الأسواق، ودبت الحركة في المدينة، ثم قدمت الشواني المصرية بالرجال والعدد، وأقبل المتطوعون من الشعب من أرجاء البلاد كلها مندفعين من كل جانب في حماسة وعزم، يبغون الجهاد في سبيل ربهم.
كان الاستعداد لملاقاة الفرنج قائما على قدم وساق، والسلطان نجم الدين في فراشه، تشتد العلة به يوما بعد يوم، وشجر الدر بجانبه لا تفارق سريره، مقرحة الجفن، تحس بخطر الموقف، وتفكر فيما سيكون لو مات الملك في هذا الظرف الدقيق، وأخذت تحدث نفسها وتقول:
الوطن أبقى من الأشخاص! هذا وقتك يا شجر الدر، فأنقذي البلاد من أعداء الله وأعدائها، وادفعي هؤلاء الذين جاءوا إليها ليطمسوا دين الله وينهبوها، ولا تدعيها للأطماع تفتتها وتذهب ريحها!
وهبت واقفة، ونظرت في وجه السلطان، ثم جعلت تطرد جزعها وتكفكف دموعها، وتقول لنفسها في شجاعة: «هذه هي النهاية المحتومة، كل امرئ يعرفها ويحاول تجاهلها فيفر منها في غمرة الحياة، ليزيد نفسه شقاء يصرفه عن تذكرها!».
ثم أرجعت البصر إلى السلطان، فرأته يطبق أجفانه، وسمعته يقول في همس:
«لا تجزعي يا شجر الدر، وانهضي برسالتك، واحمي قلعة الشرق من الطامعين!».
بدت لشجر الدر النهاية القريبة للسلطان، فأسرعت بإصدار أوامرها بألا يدخل عليه سوى كبير الأطباء، وأشاعت أن صحته تتحسن يوما بعد يوم، ولكنها جزعت حينما انطبقت أجفانه وتلاحقت أنفاسه، واستدعت الطبيب، فأقبل مسرعا، وفحصه في الحال، ثم قال في أسى:
- قضاء الله يا مولاتي، لا يفيد فيه دواء ولا يرده طبيب! دبري أمرك فقد انتهى كل شيء!
فزادت دموعها انهمارا ولم ترفع صوتا، وعادت تشجع نفسها وتقول في ثبات:
- ما هذا يا شجر الدر؟! الوطن أولى بكل ذرة من تفكيرك، فادخري حزنك على السلطان حتى تنتهي المعركة بسلام! وكان ذلك في سنة ٦٤٧هـ ١٢٤٩ م.
ترك السلطان الأمر كله لشجر الدر، فلم تتوان لحظة، وأسرعت بدعوة الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ والطواشي جمال الدين محسن، واستبقت معهما الطبيب، ثم قالت تسألهم في شجاعة:
- هل مات السلطان؟
فنظر بعضهم إلى بعض في حيرة، بددتها الملكة قائلة: «لم يمت السلطان، ولايزال في فراشه، تزايله العلة يوما بعد يوم، وقد أوشك أن يتماثل للشفاء». ثم عادت تسأل في جد قائلة:
- «ومن قائد الجيش؟"
فأعاد بعضهم النظر إلى بعض، واستأنفت تجيب في عزم قائلة: «قائد الجيش الأمير فخر الدين بن شيخ الشيوخ، وهو المتقدم، والأمر كله بيده».
وكانت قد استقرت على أن تستدعى توران شاه، فمع أنها تعلم بطيشه وأن الملك لن يستقيم له، إلا أنها لم ترد أن تدع للفرقة بابا حتى تنتهي المعركة، فسألت هؤلاء قائلة:
- «ومن السلطان؟».
فظلوا في دهشتهم صامتين، واستأنفت هي قائلة:
- «السلطان توران شاه (رغم عيوبه) بن السلطان نجم الدين الأيوبي، وسأرسل إليه (توران شاه) الساعة، ليقبل من حصن كيفا! إنه السلطان بن السلطان ووارث الملك!».
ولكن هل مات السلطان؟
ولم يجيبوا وزادت حيرتهم، وهى تقول في جد: لم يمت السلطان ولا يزال في فراشه، وقد أوصى بأن تنقل ولاية العهد إلى ابنه توران شاه!. هكذا ستقولون للناس؛ فاجمع يا فخر الدين الأمراء والجنود، وبلغهم تحية السلطان وأوامره، ثم اكتب إلى حسام الدين بن على متولى القاهرة بهذه الأوامر، ليأخذ العهد لتوران شاه على من عنده من كبار الدولة، ويدعى له على المنابر بعد السلطان. ثم عادت تسألهم قائلة في جد:
- هل مات السلطان؟
ثم استأنفت تجيب في شجاعة: «لم يمت السلطان، وسيبقى كل شيء على حاله، السماط ، يمد كما كان، والطبيب يدخل ويخرج كما لو كان السلطان بقيد الحياة، والأوراق الرسمية تخرج بخطه فيما مضى و فيما سيأتي، لن يتغير توقيعه، فقد أعددت من يقلد ذلك التوقيع تمام التقليد. لا يشك من يراه في أنه بيد السلطان.
أما السلطان فيغسل بيد الطبيب وحده، ثم يحنط ويكفن، ويوضع في صندوق يلف لفا محكما، ويرسل في حراقة إلى قلعة الروضة، لا يعلم أحد ما فيه حتى تنتهي المعركة! ثم التفتت إليهم وقالت في عزم:
ألا تحبون السلطان؟!
إن تكريمه في جهاد الأعداء، لا في البكاء عليه، ولا في مشهد يسير فيه الشامت والحاقد والمتربص، فإذاعة موته الآن تضعف الجنود، وتفرق الجماعة، وتقوى ساعد الفرنج، وإذا أحكمنا الأمر، كان ذلك من أكبر عوامل النصر إن شاء الله؛ سارت الأمور كما رسمت، لم يتغير شيء في أحوال القصر، ولا يعرف أحد إلا أن صحة السلطان تتحسن يوما بعد يوم، وقلوب المتربصين تدق حزنا كلما سمعوا اقتراب ذلك الشفاء.
ولما طال الأمر على الناس، جعلوا يتساءلون عن السلطان ومرضه الذي امتد، وبدأ الذين يتطلعون إلى السلطة يدسون من يتعرفون لهم الحقيقة، والفرنج يتشممون الأخبار، وللحيطان آذان.
فما لبث خبر موت السلطان ان تسرب وبلغ الفرنج، فاشتد فرحهم، ودوى صوت قائدهم يعلن التحرك إلى المنصورة.