تأسست النظرية الليبرالية الجديدة في العلاقات الدولية متأثرة بأفكار الاقتصادي الامريكي ميلتون فريدمان والتي جاءت منذ ازمة الكساد العظيم عام 1929 مخالفة لجميع السياسات الاقتصادية.
مؤيداً إلى الغاء نظام الاحتياطي الفيدرالي ومقتنعاً بان سلوك الأفراد بالسوق كفيلة لوحدها في إدارته وتنظيمه، وأن الإنكماش الاقتصادي والتضخم، لا يكافح عبر الدولة والتخطيط والضرائب الباهظة، كما يعتقد أنصار النظرية الكينزية، وإنما من خلال زيادة تدفق النقد في السوق مع خفض الضرائب إلى أقصى الحدود والذي بدوره يتطابق مع الهيكلية المنبثقة عن إجماع واشنطن والذي يدعو بقوة الى تقليص دور الدولة بالاقتصاد.
في ثمانينات القرن الماضي وأثناء ولاية الرئيس الامريكي رونالد ريغين، أصبح فريدمان من كبار المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض. منح الفرصة لتطبيق سياستهالاقتصادية من خلال رفع نسبة الفائدة على الودائع في البنوك الامريكية، الامر الذي ساهم بزيادة تدفق الودائع المالية الخارجية التي انهت حالة التضخم والانكماش الاقتصادي، ترافق ذلك مع إلغاء الكثير من إجراءات الضمان الاجتماعي والصحي وتقليص النفقات الحكومية في المجالات الاجتماعية مع سياسة تشجيع الاقتصاد الريعي على حساب الاقتصاد الحقيقي وتخفيض الضرائب على كبار المستثمرين، والمصارف الاستثمارية العملاقة، وخصخصة قطاع النقل والمواصلات والسكك الحديدي، مع تخفيف معايير الائتمان على قروض الرهن العقاري والتي كانت احد الأسباب المباشرة للازمة المالية العالمية عام 2008.
يعتبر عامل الاقتصاد من اهم العوامل التي حسمت الحرب الباردة لمصلحة الراسمالية في مواجهة الاشتراكية، الامر الذي أدى الى انتصار الليبرالية الجديدة والتحول من نظام القطبين إلى القطب الواحد، وتكريس نظرية فريدمان، وصعود المحافظين الجدد الذين عملوا على تحويل الديمقراطية الأى ايديولوجية تبشيرية بالتزامن مع ظهور العمولمة وظهور النظام العالمي الجديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
تقوم النظرية الليبرالية الجديدة على عدة أسس ومرتكزات أهمها :
1- العودة للفكر الليبرالي الكلاسيكي وهو التقليل والحد من تخدل الدولة بالاقتصاد.
2- التجارة الحرة والسوق يتحكم في أذواق الناس، وأن الاقتصاد يجب ان يتحرر.
3- الدولة فاعل أساسي في العلاقات الدولية. إن الدول عقلانية تسعى لتحقيق مصالحها مع التأكيد على وجود فواعل من غير الدول، مثل المنظمات الدولية والأقليمية، والمنظمات غير الحكومية، والشركات متعددة الجنسيات، إذ لم يعد بالامكان فهم العلاقات الدولية من خلال التفاعلات بين الحكومات.
4- المؤسسات والمنظمات الدولية. تتمثل أهمية المؤسسات الدولية في التقليل من معوقات التعاون، إذ ان الاجتماعات المنتظمة للدول، ينتج عنها معرفة نوايا الدول الاخرى والكشف عن المصالح المشتركة فيما بينها. وقد اعتربت الليبرالية الجديدة أن المؤسسات الدولية تنقسم الى قسمين: القسم الأول، مؤسسات رسمية واضحة مثل الامم المتحدة، والقسم الثاني مؤسسات غير رسمية تتمثل في العرف والسيادة والتي على أساسها يتم التعارف بين الدول.
5- الديمقراطية. إنتشار النظم الديمقراطية في العالم ينهي حالة الصراع بين الدول. الدول الديمقراطية لا تحارب بعضها البعض، لذلك فهي ترفض وتدين كافة اشكال العنف من خلال معاييرها المؤسسيةوالتي تهدف الى تهدئة العلاقات وتقريب وجهات النظر بين الدول. إضافة الى الاعتراف المتبادل بسيادة وشرعية الدول الديمقراطية التي تتشابه فيما بينهما من ناحية الانظمة السياسية.
6-الفوضى في العلاقات الدولية. تعترف الليبرالية الجديدة بوجود الفوضى في العلاقات الدولية نتيجة التنافس بين الدول، لكنها ليست فوضى دائمة كما يعتقد أنصار النظرية الواقعية، بل فوضى يمكن التخفيف منها عن طريق الانضمام الى المؤسسات الدولية، وايضا من خلال الاعتمادية المتبادلة والتي ينتج عنها علاقات ومصالح مشتركة ومتشابهة.
#ما_هي_الليبرالية_الجديدة
#الليبرالية_الجديدة
#الكساد_العظيم