للتواصل معنا
أدهشني كمّ الرسائل التي وصلتني ممن أرادوا اقتحام مجال العمل الحرّ، وكان أكثرهم يسأل:
ولم يكن ذلك مفاجئًا، فنموذج العمل التقليدي (المكتبي) لم يعد مرغوبًا به، وعالم الخيارات المرنة التي يقدمها العمل الحرّ يبدو واعدًا. فمن خلاله بات بمقدور أي شخص أن يقدم خدماته لصالح شركات أو أفراد في أي مكانٍ حول العالم، ويقبض مستحقاته فور إنهائه العمل (دون أن ينتظر نهاية الشهر)، وعلى الجانب الأخر، أتاح العمل الحر للشركات والمؤسسات ورياديّ الأعمال الوصول إلى أفضل الكفاءات والخبرات في كل المجالات بكل سهولة، دون أن يُضطروا لتوظيف الأشخاص برواتب ضخمة.
سأشارككم اليوم أصدقائي -زوار موقع صفحات الكرام- بعض الدروس التي تعلمتها من خلال التجربة والخطأ، والتي كانت حجر الأساس لعملي المستقل الناجح بفضل الله.
لا يجدر الاستهانة بهذا السؤال.
إذا كنت ترغب في تحقيق النجاح الوظيفي في عملك المستقل، فلا بدّ أن تتأكد من أسبابك، إن كنت ترغب بدخول مجال العمل الحرّ لأنها (صيحة القرن)، أو ظنّا منك أنها طريقة أسهل لكسب المال... فراجع حساباتك!
وأيضًا، تجنّب السقوط في فخّ الاعتقاد الشائع بأن العمل الحرّ هو المسار الطبيعي لتحويل شغفك إلى عمل مربح. وبالتأكيد لا تختر العمل الحر فقط لأنك تحلم بأسلوب حياة ساحر قائم على السفر حول العالم.
قد يكون السبب بسيطًا مثل رغبتك بتجنب متاعب المواصلات، أو الحصول على حياة عائلية أكثر توازنًا، أو ربما لرغبتك بأن تكون مدير نفسك (وهو السبب الأكثر انتشارًا). المهم أن تُدرك ما تأمل في الحصول عليه من العمل الحرّ، وتمتلك توقعات واقعية لما يتطلبه تحقيق هدفك.
هذا هو السؤال الأكثر شيوعًا، وللإجابة عليه تحتاج لمعرفة من هم عملاءك المثاليون. قد لا تتمكن من الحصول عليهم فورًا، ولكن لا بدّ أن تمتلك فكرة واضحة عمّن تحاول استهدافه.
المستوى الأول لإيجاد العملاء (للمُستقلين الجُدد):
لا تستطيع أن تكون انتقائيًا -فيما يخصّ العملاء- عندما تبدأ، لذا لا مناص من التوجه إلى سوق الخدمات الأكبر: منصات العمل الحرّ.
تلعب منصات العمل الحر دورين، أما الأول فهو دور "السوق" حيث تجمع المستقلين بمكان واحد يستطيع العملاء التوجه إليه عند حاجتهم لإحدى الخدمات التي يقدمها المستقلون. ومن جهة أخرى، فهي تلعب دور "الوسيط" بين صاحب العمل والمستقل لقاء عمولة، وتتميز هذه المنصات بما يلي:
تحقق الأمان المالي للمستخدمين سواء كانوا عملاء أو مستقلين، حيث تضمن الحقوق المالية للطرفين.
تعمل على حل الخلافات بين الطرفين في حال حدوثها، من خلال الرجوع إلى المحادثات بين كلٍ من العميل والمستقل.
المستوى الثاني لإيجاد العملاء (للمُستقلين ذوي الخبرة):
عند امتلاك قدرًا معينًا من الخبرة، تصبح مهمة إيجاد العملاء أسهل، يمكنك حينها أن تبدأ بسؤال أفراد عائلتك/أصدقائك/زملاء الدراسة/مدرائك السابقين إذا كانوا يعرفون أي شخص يحتاج إلى خدماتك.
عند البدء، ليكن هدفك الرئيسي هو اكتساب الخبرة. فكسب المال -رغم كونه حاجة ملحة- يأتي في المرتبة الثانية بالنسبة لعملك المستقل. المزيد من الخبرات سيجلب المزيد من المال. تذكر ذلك جيدًا
أنا لا أتحدث فقط عن جوانب صقل مهاراتك الأساسية. بل عن تعلّم جميع المهارات الشخصية (والتي لا تقلّ أهمية عن سابقتها)، تلك المهارات هي ما تمنح عملائك انطباعًا عن قدر موثوقية واحترافية عملك وتشمل: تعلّم كيفية التنظيم، وكيفية التواصل بشكل جيد وتحديد توقعات العملاء، وكيفية إدارة وقتك ومشاريعك.
والإجابة باختصار: بالطبع لا! فالعمل المجاني يقلل من قيمة خدماتك منذ البداية، مما يعطي العملاء انطباعًا غير صحيح حول ما يمكن توقعه. بالإضافة إلى ذلك، نادراً ما يوفر لك العمل المجاني فرصة لاكتساب الخبرة أكثر من العمل مدفوع الأجر.
نقطة أخرى هامة: احذر من عكس صورة مسيئة لنفسك، أقصد عندما تكون جديدًا في المجال، لا تتظاهر بأنك تمثّل شركة كبرى في حين أنك تعمل منفردًا. لا تدّعي امتلاكك مهارات لا يمكنك إثباتها. كن صريحًا وصادقًا بشأن نقاط قوتك /ضعفك وخبرتك أو قلّتها.
يبدو ذلك غريبًا؟ دعني اشرح لك الأمر إذًا ..
ببساطة، لا تملك العديد من الشركات ميزانية كافية لتحمل تكاليف مستقل من الدرجة الممتازة، لذلك هم على استعداد للرهان على المستقلين الأقل خبرة كطلاب الجامعات أو الخريجين الجدد أو من غيّروا مجال عملهم مؤخرًا. إذا قدّمت نفسك بأمانة، وشرحت أن أجرك المنخفض يعكس افتقارك إلى الخبرة في العمل، فسيعرف القائمون على تلك الشركات ما سيحصلون عليه بالضبط. وإذا قدمت أداءًا محترفًا بالفعل، فستكسب عميلًا دائمًا.
ثم -ومع كل مشروع جديد ستكتسب المزيد من الخبرة والثقة- ستتمكن من تقييم ما إذا كنت تقدم قيمة إضافية كافية لتبرير زيادة سعر عملك التالي.
إذا كنت تعمل بدوام جزئي أو بدوام كامل الآن -أو كنت طالبًا - فأنت في أفضل مكان لبدء العمل الحر. لكن انتبه! فالانتقال المفاجئ للعمل الحرّ بدوام كامل لا يعدو أن يكون انتحارًا. يستغرق إنشاء قاعدة عملاء وقتًا، خاصةً إذا لم تقم سابقًا بتطوير شبكتك المهنية.
احرص قدر المستطاع على التعلم من عملك الحالي. تعلم كيفية إدارة المشاريع. تعرف على كيفية تواصل رب عملك مع العملاء وإدارة الحسابات. تلك المهارات ستكون ذات قيمة عالية عندما تكون بمفردك كمستقل.
ابدأ العمل الحر بمشروع صغير في كل مرة. عندما بدأت عملي كمستقل، عملت فقط لـ 5 ساعات أسبوعيًا. كان صاحب العمل يعرف ما سيحصل عليه، وكان سعيدًا بمنحي بعض الخبرة في مقابل سعر أرخص.
عند إنجازك للمشروع، استلم مشروعًا آخر. ربما بشروط أكثر تطلبًا قليلًا هذه المرة. ستنمو ثقتك بنفسك شيئًا فشيئًا، وقبل أن تُدرك ما يحدث، ستكون قد استكملت 5 أو 10 مشاريع صغيرة، وربما ستشعر حينها وكأنك تعرف أسرار العمل المستقل ومفاتيحه. حسنًا، ليس بعد! ولكن لا بأس بقليل من الثقة بالنفس (^_^)
عندما تخليت عن العمل التقليدي وقفزت إلى رحاب العمل الحر، كنت أعيش مع عائلتي. وكنت محظوظًا بما فيه الكفاية للسماح لعملي الحرّ بالنمو ليتحول إلى دفق مستمر من العملاء على مدار عدة أشهر (لدرجة أنني كثيرًا ما أؤجل بعض المشاريع لأكثر من شهر).
لا يملك الجميع رفاهية انطلاقتي. ماذا لو لم يكن لديك خيار سوى العيش وسط مدينة ذات تكاليف معيشة عالية؟ بل ماذا لو كان لديك بالفعل عائلة تنتظر منك رعايتها؟
ينصح العديد من الأشخاص بعدم التفرغ للعمل الحر ما لم تكن قد وفرت ما يعادل راتب يتراوح ما بين 3 إلى 6 أشهر (أو على الأقل نفقات المعيشة لتلك الفترة) كخطة طوارئ. أؤيد هذه الفكرة تمامًا. حتى المستقلين الأكثر خبرة -الذين تعلموا كيفية التعامل مع تقلبات الدخل غير المتوقعة- يمرّون بفترات يصعقهم فيها قلّة العملاء (اسأل أي مستقل عن دخله في شهر رمضان المبارك مثلًا!).
لذا نصيحتي لك: ضع خطة لكيفية الانتقال بسلاسة من عملك الحالي إلى حياة المستقلين. هل يمكنك البدء في العمل الحر كعمل جانبي؟ هل يمكنك تنسيق وضعك المعيشي لتوفير التكاليف استعدادًا للدخل غير المتوقع أثناء بناء عملك الحرّ تدريجيًا؟ تحدث إلى والديك أو شريكك أو عائلتك وأصدقائك عن الطرق التي يمكنهم من خلالها تقديم الدعم.
سيرتك الذاتية "CV" هي أول مستند وأول
دليل على كفاءتك في العمل
وتقوم منصة معارف بمساعدتك لإنشاء
سيرتك الذاتية
بإحترافية